روائع مختارة | قطوف إيمانية | الرقائق (قوت القلوب) | نهاية العام.. وتذكر انتهاء الأجل

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
روائع مختارة
الصفحة الرئيسية > روائع مختارة > قطوف إيمانية > الرقائق (قوت القلوب) > نهاية العام.. وتذكر انتهاء الأجل


  نهاية العام.. وتذكر انتهاء الأجل
     عدد مرات المشاهدة: 2587        عدد مرات الإرسال: 0

الحمد لله الذي جعل لكل شيء نهاية، ونهاية الشيء علامة على قدرته-سبحانه- وتدبيره وحكمته، فقال في كتابه مُذكِّرًا عباده: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34]. والصلاة والسلام على قدوتنا وحبيبنا محمد، الذي رُوي عنه أنه قال: "الكَيِّس من دان نفسه، وعمل لما بعد الموت، والعاجز من اتبع نفسه هواها، وتمنَّى على الله الأماني".
 
أما بعد؛ فإن الناظر في نهاية هذا العام يرى غفلة الكثير من الناس عن تصرُّم أعمارهم، وذهابها سدًى، دون التزود للدار الآخرة، وصدق الله-تعالى- إذ يقول: {اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ مُعْرِضُونَ} [الأنبياء: 1]. ولقد رُوي عن الحسن البصري-رحمه الله- أنه قال: "يا ابن آدم، إنما أنت أيام، فإذا ذهب يومك ذهب بعضك".
 
فكيف السبيل ونحن مقدمون على ربنا-جل وعلا- دون زاد يعيننا على المسير إليه، والوقوف بين يديه؟!
 
كيف السبيل ونحن قد اعترتنا الغفلة والإعراض؟ كيف السبيل ونحن قد قست قلوبنا من كثرة الذنوب والمعاصي والآثام؟ كيف السبيل ونحن مقبلون على الموت وسكراته، والقبر وظلمته، والموقف وكربته، والحساب وشدته؟!
 
فإذا علم الإنسان أن له نهاية، فلا بد له من العمل لهذا الموقف، والتزود من زاد الدنيا للآخرة، والاجتهاد في إصلاح القلب والجوارح؛ لتكون مؤهلة للقاء الله-تعالى- ونيل رضاه وجنته.
 
ولو راجع كل منَّا نفسه، وحاسبها على كل صغيرة وكبيرة، لعلم أن الخير كل الخير في ذلك، وأن الفوز لا يتأتى إلا بالمحاسبة، وإصلاح النفس، وسوقها إلى الدار الآخرة سوقًا شديدًا.
 
ولو نظرنا إلى بذل النبي صلى الله عليه وسلم واجتهاده في عبادة ربِّه على الرغم من وعد الله له بمغفرة ذنوبه؛ ما تقدم منها وما تأخر، لتعجبنا أشد العجب من حاله مع ربه، ولقد أعطانا الصورة الواضحة التي تربط العبد بربِّه وتسيِّره إلى مرضاته، وتبيِّن بذله في سبيل نيل محبته، فبعد أن قام بين يدي ربِّه يناجيه ويناديه، ويبكي بين يديه، وتفطرت قدماه من طول القيام، قال قولته العظيمة التي لو فقهها أصحاب القلوب الغافلة، لسارعوا إلى تطبيقها في حياتهم: "أفلا أكون عبدًا شكورًا". وكيف لا وهو إمام المجتهدين، وقدوة العارفين، وصاحب الخلق العظيم!
 
فلا بد لنا من الوقوف مع أنفسنا في نهاية هذا العام، والنظر في صحائف أعمالنا: هل نحن أحسنَّا أو قصَّرنا؟ هل نحن تزودنا بزاد يعيننا على دخول الجنة أو لا؟
 
فإذا راجع كل منَّا نفسه، وحاسبها حسابًا شديدًا؛ لتمحَّص له تقصيره وغفلته، وإعراضه عن طاعة ربِّه ومرضاته، فإذا وجد نفسه أنه هالك من ذنوبه، بادر إلى مناداة ربِّه القريب من عِباده، ربِّ إني ظلمت نفسي فاغفر لي، ربِّ هب لي من لدنك رحمة إنك أنت الوهَّاب، هنالك يرى السعادة والراحة، فينشرح صدره، ويغفر ذنبه، وينال رحمة ربه.
 
نسأل الله-تعالى- أن يتجاوز عن تقصيرنا وزللنا، وأن يمنَّ علينا بالتوبة النصوح، والعمل الصالح المتقبل، وأن يحسن لنا العمل والختام.
 
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
 
 
الكاتب: د. عبد الله بن محمد الطيار
 
المصدر: شبكة الألوكة